كيف تتقن لغة الجسد في مقابلات العمل؟
سيو نكتب
سيو نكتب
17 مايو 2024

كيف تتقن لغة الجسد في مقابلات العمل؟

لغة الجسد في مقابلات العمل ليست مجرد مكمل للكلمات التي ننطق بها، بل هي جزء لا يتجزأ من الانطباع الأول الذي نتركه. الأبحاث تشير إلى أن المحاورين يشكلون غالبًا انطباعًا أوليًا عن المتقدمين للوظيفة في غضون الثواني الأولى من المقابلة، وهذا يعتمد بشكل كبير على تفاعلنا. الثقة، الاحتراف، والحماس يمكن أن تُعبر عنها جميعًا من خلال طريقة جلوسنا، وقوفنا، واتصالنا البصري. لذا، فإن تعلم كيفية استخدام لغة الجسد بشكل فعّال يمكن أن يعزز فرصك في النجاح بشكل كبير في المقابلات الشخصية.


ما هي لغة الجسد؟

لغة الجسد هي نوع من أنواع التواصل غير اللفظي حيث يتم استخدام الحركات الجسدية والإيماءات وتعبيرات الوجه وحتى المسافة بين الأشخاص لإيصال الرسائل والمشاعر. تشمل مجموعة واسعة من التعبيرات مثل:


1. إيماءات الوجه 

الابتسامة هي جسر التواصل الأول الذي يمكن أن ينقل الإيجابية والود. يُظهر الأشخاص الذين يبتسمون خلال المقابلة تفاؤلًا وانفتاحًا، مما يجعل المحاور يشعر بالراحة أكثر. ومع ذلك، يجب أن تكون الابتسامة طبيعية وفي الأوقات المناسبة لتجنب الظهور بشكل مصطنع. التواصل البصري يعزز من الثقة ويُظهر اهتمامًا حقيقيًا بالحديث. ولكن، مثل الابتسامة، يجب أن يكون معتدلاً لتجنب الشعور بالحرج أو التوتر. تجنب الإيماءات السلبية مثل العبوس أو التحديق لأنها يمكن أن ترسل إشارات خاطئة إلى المحاور.


2. الاتصال البصري خلال المقابلة الوظيفية

الاتصال البصري المستمر يُظهر الثقة والصدق. إنه يُعبر عن اهتمامك بما يقوله المحاور ورغبتك في الانخراط في الحوار. ومع ذلك، هناك خط رفيع بين الاتصال البصري الثابت والتحديق الذي يمكن أن يبدو مهددًا أو محرجًا. المفتاح هو الحفاظ على التوازن بين النظر مباشرة إلى المحاور في المقابلات الوظيفية وأخذ فترات قصيرة من الراحة بالنظر بعيدًا بشكل طبيعي.


3. تقنيات التحكم بلغة الجسد في المقابلات الشخصية

التحكم في لغة الجسد يبدأ مع السيطرة على التنفس. تمارين التنفس العميق يمكن أن تساعد في تقليل التوتر والأعصاب قبل وأثناء المقابلة. استخدام المساحة من حولك بشكل فعّال والإيماء بيديك يمكن أن يعزز من توصيل الرسالة ويظهر الثقة. قبل المقابلات الوظيفية، جرب تمارين الاسترخاء وضع في اعتبارك أهمية لغة الجسد لتكون في أفضل حالة ممكنة.


4. الموقف الجسدي وأثره في المقابلة

الوقوف والجلوس بشكل صحيح يمكن أن يُحدث فارقًا كبيرًا في كيفية إدراكك. الجلوس بظهر مستقيم وأكتاف مرتاحة يُظهر الثقة والاستعداد للمشاركة. بالإضافة إلى ذلك، يؤثر الموقف الجسدي على نبرة الصوت ووضوح الكلام، مما يجعل الرسالة أكثر تأثيرًا. تحسين لغة الجسد يمكن أن يكون عن طريق الوعي الذاتي والممارسة المستمرة.


5. المسافة الشخصية 

فهم المسافة الشخصية وكيفية استخدامها يمكن أن يساعد في تعزيز التواصل غير اللفظي. الاقتراب كثيرًا يمكن أن يجعل الآخرين يشعرون بعدم الراحة، بينما البُعد الزائد قد يُفسر على أنه نقص في الاهتمام أو الثقة. مفهوم "المسافة الشخصية" يختلف من ثقافة لأخرى، ولكن في سياق المقابلات الوظيفية، من الأفضل الحفاظ على مسافة معتدلة تُظهر احترامًا للمساحة الشخصية للمحاور مع الحفاظ على تفاعل ودي ومهني.


6. التعبيرات اليدوية

اليدين هما أداتا تواصل قويتان يمكن أن تعزز من تأثير كلامك. استخدام التعبيرات اليدوية بشكل مناسب يمكن أن يساعد في توضيح النقاط وإظهار الحماس للموضوع. ومع ذلك، من المهم عدم المبالغة في استخدام الإيماءات لأنها قد تصبح مشتتة. كما يجب تجنب الإيماءات التي قد تُفسر بشكل سلبي، مثل تقاطع الذراعين أو الإشارة بالأصابع.


7. لغة الجسد السلبية 

تعبيرات الوجه السلبية، التوتر، وعدم الاستقرار في الموقف الجسدي يمكن أن ترسل إشارات خاطئة إلى المحاور. الوعي بلغة الجسد وممارسة السيطرة عليها يمكن أن يساعد في تجنب هذه الإشارات السلبية. التمارين البدنية والتنفسية يمكن أن تساعد في التخلص من التوتر وتعزيز وضعية جسدية إيجابية.


أهمية لغة الجسد في المقابلات الوظيفية

لغة الجسد في المقابلات الوظيفية تلعب دورًا حاسمًا في تحديد نجاح المرشح للحصول على الوظيفة المرغوبة. هذه الأهمية ليست مجرد تفضيل شخصي من قبل المقابلين، وإنما مرتبطة بمبادئ التواصل البشري وكيفية تفسير الرسائل غير اللفظية. إليك أهمية إتقان لغة الجسد في المقابلات:

1. خلق انطباع إيجابي: الثواني الأولى من المقابلة حاسمة في تشكيل الانطباع الأول. لغة الجسد الإيجابية مثل الابتسامة الصادقة، المصافحة الواثقة، والتواصل البصري الثابت، تعمل على خلق انطباع أولي إيجابي يصعب تغييره لاحقاً.

2. تعزيز الثقة بالنفس: وضعية الجسم المستقيمة، النظرة الثابتة، والحركات الهادئة تعطي انطباعاً بالثقة بالنفس. هذا يشير إلى أن المرشح مستعد وواثق من قدراته، مما يعزز فرصته في النجاح.

3. دعم الرسائل اللفظية: لغة الجسد تكمل الكلام وتزيد من قوة الرسالة. توافق الحركات وتعبيرات الوجه مع الكلام يجعل الاتصال أكثر فاعلية ويساعد على إيصال الرسائل بوضوح.

4. الحد من التوتر والقلق: استخدام لغة الجسد بشكل إيجابي يمكن أن يساعد في تقليل التوتر والقلق. التنفس العميق، الحفاظ على وضعية جسم مريحة، والحركات الهادئة يمكن أن تساهم في ظهور المرشح بمظهر أكثر هدوءاً وتجمعاً.

5. الدعم الإحصائي: الأبحاث تظهر أن لغة الجسد تمثل حوالي 93% من التواصل في المقابلات الشخصية، مما يؤكد على أهميتها البالغة في تحديد نتيجة المقابلة. هذه النسبة تشير إلى أن المحتوى اللفظي يشكل جزءاً صغيراً فقط من الرسالة الإجمالية التي يتلقاها المقابل.


إحدى الدراسات التي أجرتها جامعة برينستون كشفت أن الانطباعات الأولى، والتي تتشكل بشكل كبير من خلال لغة الجسد، يمكن أن تُشكل في غضون عُشر ثانية من اللقاء الأول. علاوة على ذلك، أشارت دراسة نُشرت في مجلة "Psychology Science" إلى أن المرشحين الذين يظهرون لغة جسد إيجابية، مثل الجلوس بوضعية مستقيمة والحفاظ على التواصل البصري، لديهم فرص أعلى للحصول على تقييمات إيجابية من قبل المقابلين.

 

8 نصائح لإتقان لغة الجسد في مقابلات العمل

إتقان لغة الجسد خلال مقابلات الوظيفية يمكن أن يزيد فرصك في إحداث انطباع إيجابي والحصول على الوظيفة المرغوبة. فيما يلي ثماني نصائح مهمة لتحسين لغة الجسد في المقابلات:

1. التواصل البصري: التواصل البصري الثابت يعبر عن الثقة والاهتمام بالحوار. عند التحدث، حاول النظر مباشرة في عيون المقابل لبضع ثوان قبل التحول بلطف إلى نقطة أخرى لتجنب الشعور بالتحديق. هذا النوع من التواصل يساعد على بناء الثقة ويظهر تقديرك لوقت المقابل.

2. المصافحة: مصافحة قوية ولكن غير مفرطة في القوة تعطي انطباعاً بالثقة والحماس. يجب أن تكون المصافحة متوازنة، مع الضغط الكافي لتظهر حماسك دون أن تكون مهيمنة أو ضعيفة. المصافحة هي أول تبادل جسدي مع المقابل، ويمكن أن تحدث فرقًا كبيرًا في الانطباع الأول.

3. وضعية الجسم: الجلوس أو الوقوف بوضعية مستقيمة ولكن مريحة يعكس الثقة والاستعداد. تجنب الانحناء أو الانكماش لأن ذلك قد يعطي انطباعاً بعدم الثقة أو الاهتمام. الحفاظ على وضعية جسم منفتحة، مع عدم تقاطع الذراعين أو الساقين، يشير إلى الانفتاح والاستعداد للتفاعل.

4. الابتسامة: ابتسامة صادقة تعزز الود وتظهر الإيجابية. الابتسامة في الأوقات المناسبة تظهر الود وتساعد في تخفيف التوتر، لكن تجنب الإفراط في الابتسامة التي قد تبدو غير ملائمة أو مصطنعة. الابتسامة تعتبر أيضًا علامة على الثقة والاستعداد للمواجهة الإيجابية.

5. حركات اليد: استخدام الإيماءات باليد يمكن أن يعزز التواصل ويجعل حديثك أكثر إقناعاً. ومع ذلك، يجب أن تكون حركات اليد محسوبة وغير مفرطة لتجنب التشتيت. استخدام الإيماءات لتوضيح نقطة أو إضافة قوة لرسالتك يمكن أن يكون فعالاً، لكن تجنب الحركات العشوائية أو الكثيرة التي قد تصرف الانتباه عن كلامك.

6. التحكم في نبرة الصوت: نبرة الصوت جزء لا يتجزأ من لغة الجسد في المقابلات الوظيفية ويمكن أن تعبر كثيرًا عن حالتك النفسية. استخدام نبرة واضحة وثابتة يشير إلى الثقة والهدوء. تجنب الحديث بسرعة كبيرة أو بصوت منخفض جدًا الذي قد يعطي انطباعًا بالتوتر أو عدم الأمان. التغيير المعتدل في النبرة يمكن أن يجعل حديثك أكثر جاذبية ويساعد في الحفاظ على انتباه المستمع.

7. تجنب العادات السيئة: عادات مثل لمس الوجه، أو اللعب بالأقلام يمكن أن تعطي انطباعًا بالتوتر أو عدم الاستقرار. الوعي بحركاتك وتجنب هذه العادات يمكن أن يساعد في تقديم صورة أكثر احترافية وثقة بالنفس.

8. الملابس والمظهر العام: بالرغم من أن المظهر ليس جزءًا مباشرًا من لغة الجسد، إلا أنه يؤثر كثيرًا على الانطباع الكلي. اختيار الملابس المناسبة لثقافة الشركة والمناسبة، مع الحرص على أن تكون نظيفة ومرتبة، يعزز من صورتك الاحترافية ويعكس احترامك للمقابل.


من خلال العمل على هذه النصائح ودمجها في سلوكك خلال المقابلات الشخصية، يمكنك تحسين فرصك في إحداث انطباع إيجابي لدى أرباب العمل المحتملين. إتقان لغة الجسد يتطلب ممارسة ووعيًا ذاتيًا، لكن الجهد المبذول يمكن أن يؤتي ثماره بشكل كبير في مسيرتك المهنية.


أفضل الأدوات التي يمكن استخدامها لتحسين لغة الجسد

هناك العديد من الأدوات والموارد المتاحة لمساعدتك في تحسين لغة جسدك لمقابلات العمل. تطبيقات الجوال التي تقدم نصائح وتمارين يومية، كتب تركز على التواصل غير اللفظي، وورش العمل والدورات التدريبية المخصصة للتحضير للمقابلات يمكن أن تكون مفيدة جدًا. الاستثمار في تطوير لغة جسدك ليس فقط يعزز من فرصك في النجاح في المقابلات الشخصية، ولكنه يعزز أيضًا من تواصلك اليومي والمهني.


أكثر الأخطاء الشائعة التي يجب تجنبها أثناء المقابلات الشخصية

أخطاء لغة الجسد في مقابلات العمل يمكن أن تؤثر سلبًا على تقييم المرشح من قبل المقابلين. هنا بعض من الأخطاء الشائعة التي يجب تجنبها:


1. تجنب التواصل البصري

عدم القدرة على الحفاظ على التواصل البصري يمكن أن يُفسر على أنه عدم ثقة أو اهتمام. في مقابلة العمل، التواصل البصري الثابت ولكن غير المفرط يعد ضروريًا لإظهار الثقة والصدق. تجنب النظر إلى الأرض أو الجوانب بشكل مستمر، لأن ذلك يمكن أن يعطي انطباعًا بالتوتر أو الرغبة في إخفاء شيء. بدلاً من ذلك، اسعَ لتحقيق توازن في التواصل البصري بحيث تظهر مرتاحًا وواثقًا.


2. الموقف الدفاعي

تقاطع الذراعين أو الساقين يمكن أن يُنظر إليه كموقف دفاعي أو عدم انفتاح. في المقابلات الشخصية، من المهم أن تظهر منفتحًا ومستعدًا للتواصل. موقف الجسم هذا قد يعطي انطباعًا بأنك غير مرتاح أو حتى معادي. حاول الحفاظ على وضعية الجسم مستقيمة لتعكس الثقة والاستعداد للتفاعل.


3. الإفراط في الحركة

لغة الجسد مثل الإفراط في حركات الجسم يمكن أن يشتت الانتباه ويعطي انطباعًا بالتوتر أو عدم الثبات. الهدوء والسيطرة على حركاتك تظهر الاحترافية والتركيز. إذا كنت شخصًا يتحرك كثيرًا بشكل طبيعي، حاول التركيز على الحد من هذه الحركات خلال المقابلات الوظيفية. استخدام الإيماءات بشكل مدروس ومحدد يمكن أن يكون فعّالًا لإضافة تأكيد على كلامك دون التشتيت.


4. تعابير الوجه غير الملائمة

تعابير الوجه التي لا تتماشى مع الموقف، مثل الابتسام في أوقات غير مناسبة أو عدم وجود تعبيرات وجه عند الحديث عن مواضيع جدية، يمكن أن ترسل إشارات متضاربة. من المهم أن تكون تعابير وجهك متماشية مع المحتوى الذي تتحدث عنه وأن تظهر تفاعلاً واهتمامًا حقيقيًا. القدرة على التحكم في تعابير الوجه واستخدامها لتعزيز التواصل يمكن أن يعزز بشكل كبير من فعالية رسالتك.


5. عدم الاستماع بنشاط

الاستماع بنشاط يتطلب تواصل بصري وإيماءات توافقية، مثل: الإيماء بالرأس. عدم القيام بهذه الإشارات أثناء الاستماع يمكن أن يوحي بعدم الاهتمام أو الصبر. من الضروري أن تظهر اهتمامًا وتقديرًا لما يقوله المقابل، لأن هذا يعكس احترامك له وللوقت الذي يخصصه لك. الاستماع الفعّال يساهم في إنشاء حوار متبادل.


تذكّر أن التحسن في استخدام لغة الجسد في المقابلات الوظيفية يتطلب وقتًا وصبرًا. الثقة بالنفس تنمو مع الخبرة والممارسة المتواصلة. كل مقابلة تعتبر فرصة لتعلم شيء جديد عن نفسك وتحسين كيفية تقديم ذاتك للآخرين. باستخدام الاستراتيجيات المذكورة أعلاه، يمكنك تطوير قدرة قوية على استخدام لغة جسدك لتحقيق النجاح في المقابلات الوظيفية وما بعدها.